نظرت إلى جسدي
فاطمة كرومة
نظرت إلى جسدي لم يتفتّح منذ فصول ، إنّه هنا و أنا أحسّه غير موجود ،علاقتي به سطحيّة جدا لا تتعدّى علاقة شخص بغرفة نوم في نزل فخم اكتراها ليبيت لليلة واحدة . لا أتذكّر متى تعلمت الكلام لكنني منذ تعلمته أوّل مرة صرت أخاطب شخصا آخر داخلي سكن معي بنفس الجسد ، أسرد له في آخر اليوم ما فعلته و يخطط معي ما سنفعله لاحقا.ينام هو و أبيت أنا أتقلّب في مضجعي و الشخص الغريب نائم و يشخر، أفتعل الحركة ليستيقظ أو يكف عن الشخير لكن حتى و إن عمّ الهدوء لا أنام أبقى متيقظة حتى ساعة متأخرة من العمر، أتوتر كثيرا ، أحس بالجوع و لا أجد أحدا أتحدّث معه ، أغسل تفاحة أتحدّث إليها قليلا ثم و بكل وحشية ألتهمها .
أدور في المكان بخطى وئيدة و حذرة كعقرب ساعة تدور بلا هوادة و لا طاقة،من الطارق؟هذا أنت تطرق الهواء بقبضة أخفّ منه، أنا أسمعك بقلبي الطارق على ضلوعي ، يتحول جوقة بأكملها لا تكف عن العزف و لا تكل عن الغناء لك أن تطرق الهواء ما شئت ، لك أن تملأه ببريد ابتساماتك و أن تترك لي لحظة صمت لأفتح عباراتك الواحدة تلو الأخرى و أفسرها كما أريد، أبني بها بيتا من المعاني أموت و أحيا فيه مرارا ،أدخله و أخرج منه بأمان ، لن تكون المفاتيح في جيبي ، سأعلّقها على الغلاف إلى جانب العنوان، لك الحق في السكن في هذا البيت الافتراضي و السعادة المفترضة أصلا أنا شيدته لأجلنا لن يزعجك الشخص الغريب الذي أحمله أينما ذهبت ، أنا الهاربة منه و من الحقيقة نحوك ، المفتقدة لكل معنى لوجودي ، الحقائق الوحيدة التي اعترضتني هي الموت و الحب ، الحب ما إن أمسكت به حتى سحب الخيط مني ،أما الموت فهو ابن الجيران العملاق و الشره يلاحقني خطوة إثر أخرى إلى ما لا نهاية له، سرقني و جرب فيّ كلّ ألعابه الخطرة ، إن حدث و أمسك بي سأسلم الغرفة لساكن جديد و أحتفظ بالمفاتيح و أسافر بحثا عن جسد جديد نسكنه.