جسد
فردوس عبد الرحمن
جسد
بسيط جدًا وأقل استعراضًا مما نتصور حتى أنني حين أذهب إلى الجزار، يسقط رعب بداخلي ويتركني وحيدة مع جسدي، ذلك الذي شقوه مؤخرًا لاستخراج ورم سرطاني فرأيت اللحم الأحمر شممت رائحته، تلك التي هيَّجت أمعائي فأوقفتها عن العمل.
الجسد الذي صنعه الله في معمله، ليس مرعبًا فيه أنه قابل للذبح، مُهَيَّأ للفناء، بل الخاصية العَرَضية التي يهرب منها العقل.
بعد أن عرُّوه أمامي في غرفة الجراحة، تذكَّر بؤسه، وتمنيت أن أكون جسدًا فحسب، جسدًا لا أكثر، علَّها الروح تتوارى بعيدًا، تنسحب من ذلها وتتوارى بعيدًا، ليس أكثر تعاسة من جسد عارٍ، ممدد على طاولة، لا ليس حميميًا أبدًا أن نترك الروح ترتعش في الأسفل، لو أن أحدهم يتكلم معي بصوت أليف، ربما هدأت، ربما صعدت إلى العينين، ربما أمكنها البكاء.
وحيد ذلك الجسد، وحيد وأعمى حين تركوه عاريًا في المدخل، على باب الغرفة وكانت الروح نائمة.