امرأةٌ في دائرة الانتظار . . . ( 22 )
أوراقٌ تتساقطُ
تنتظرُ العامَ والأيامَ لتنهيَ رحلةَ الفصولِ ولعيةَ الأقدار وقيودًا وقعتْ في مصائدها . . تمرُّ الساعاتُ بطيئةً متثاقلة الخطوات . . ترقبُها عيونُ الليل وتثيرُ أشواقُ الحياة المسافرة في شعاب الدّروب ودهاليزها المظلمة مكامنَ الشّوق في أحداقِها. . تكمل دورة الحياة كشرنقةٍ تحوم ضعيفة وقد تركتْ قوقعتها الآمنة . . .
بِألوانِها الجذابةِ الأنيقةِ وبحركاتِها المرتعشةِ الغريبةِ تتساقطُ هنا وهناك ، وكلُّ واحدة منها تحملُ اسمًا وسرًا . . وتحملُ حكايةً من عيونِ الأيامِ وبطونِ السنين . . بعضها حكاية فرح . . وبعضها نزف الجراح ووجع الأنين . . وأخرى تحملُ قصةَ عشق يتأججُ كنارِ الحنين . . وتلكَ تحملُ الأملَ لِغدٍ يَبتسمُ للزمن . .
تتساقطُ الأوراقُ في حضِنِ الأفقِ تنشرُ فراشات الحياةِ وألوانِ البنفسج وعبق الياسمين . . .
يسقطُ بعضُها وهي تحملُ وجهًا غابَ عنّا ومن بيننا بلا عودة وتحكي قصةَ الوداع والفراق والغياب ، وجهًا نحاول استعادة دقائقه وجمع ملامحه وقسماته وخطوط الزمن المرسومة على جبينه عندما يعصف الحنين بنا لذاك الزمن التائه المتمرّد . . .
وهناكَ ورقة تظلُّ عالقةً مُلتصقةً بِأهداب فرعها . . تقاومُ الرّيح والألم . . تتأمل الغد الآتي علّه يلوحُ قبلَ أنْ تمتدَ إليها يدُ الغدر عابثة قاسية . . .
تَطلُ بسحرٍ وصمتٍ مُرتجفةٍ من بين ساعات الماضي . . وفجرٍ يلوحُ . . يغمرُ الدّنيا بنسائمهِ وأنفاسه السّاحرة الهادئة . . هذه الورقة الجالسة على عرش الحياة بابتسامة وخوفٍ لا ينفصلان . . تُعانقُ شمسَ الصّباح ، وَتُحلّق في عالم الأحلام وتعلو فوقَ الجراح وغصات الألم . . .
تَطلُّ منْ خلف جدران الماضي والحاضروتقرأُ ما تكتبُهُ الرّياح على وجه الغيوم . . وما ترسمُه النسائمُ على جبينِ الصّباحِ . . .
تنظرُ إلى أخواتهاعلى أرضِ النّسيان ومروج الجمال وقدْ غابتْ ألوانُها وتعكرتْ روائحُها وابتلعتها فوهات الأرض الشّرسة ، تمرُّ عليها جيوشُ الأيام ، وتدوسها بأقدامِ الخوفِ والحرمان . . .
بصلابةٍ وإرادةِ تشقُّ طريق الصّباح . . تهواه وتعشقُ أنفاسَه. . ويشقُّ الصّباح من أجلها طريقه متهللا . . بأقدام ثابتة وفجر عهد جديد . . تدعو الحياة بكلِّ صنوفها . . تُغني أغنيةً للحبِّ والحياة . . تكتبُ حكاية الأوراق المتساقطة بينما هي تنتظر مولدًا جديدًا للعمر . . ولا تنفكُّ تدور في دائرتها البنفسجية . . دائرة الانتظار . . .
تفاحه بطارسه
8 / 12/ 2014
8 / 12/ 2014
