الرئيسية » » امرأة في دائرة الانتظار . . . ( 14 ) | تفاحه بطارسه

امرأة في دائرة الانتظار . . . ( 14 ) | تفاحه بطارسه

Written By Unknown on السبت، 2 أغسطس 2014 | 3:01 ص



امرأة في دائرة الانتظار . . . ( 14 )
التّحرر من الذكرى
تفاحه بطارسه


صندوق مغلق يدون مفتاح . . سفينة تائهة دون ربّانٍ . . ثقوب سوداء أوْ مضيئة إنّها مصائد الحنين والتي ما برحتْ تشدّني إلى جوفها . . أمضي بحذرٍ خوف السّقوط في أحداقها المُبهرة . . .
كثير ما نعجز عن ربط الذاكرة بالمكان . . بأغنية نحاول إنقاذ أنفسنا من آثار الزّمن وخطواته المتمردة المتحجرة . . حيث نترك كلّ الأشياء خلفنا ونمضي مثلَ أخيلة مارقة محاولين طمرَ مكامن الحنين . . .
الانتماء للأشياء والأمكنة والذكريات شركٌ وأغلال يَصعبُ التّخلص منها ، ثمّ هي النّوافذ التي تطلُّ على الماضي وسحره . . وتتركُ نافذة النسيان مفتوحةً ؛ لترميَ بنا في هوة عميقةٍ ، وتحرقنا بنيران متّقدةٍ لذكريات زمنٍ بتنا نخافه ونخشاه . . .
فجاءة يختلطُ النّهارُ بعتمة ليلٍ عتيقٍ لا يُعكرُ صفوه سوى لهاث الزّمن يأتي متعبًا
من بعيدٍ . . أُحدّقُ في الوجوه ، أُرتّبها وأصنّفها . . تغيب وتتلاشى من عمق الزّمن ، وتسافرُ إلى مشارف الماضي البعيد . . إلّا وجهك يمرُّ في ذاكرتي كطيفٍ ضبابيٍّ غائمٍ ٍ ، ضائع القسمات والملامح ، كأنني لم أركَ يومًا ، ولمْ أرسمْ لكَ ألوف الصّور ، ولمْ أدوّن حول قسماتك مئات الصفحات ، هل كنتَ تحيا في الظل ، أمْ في سرابٍ تائه في صحراء العمر . . . ؟؟؟؟
أعودُ لصندوق ذكرياتنا الجميل . . هل بقيت ِ الذكرايات فيه حيّة . . ؟ هلْ سأجدُ طيفك الحقيقي وملامحك التي أعرفها قبل أنْ تلوّنها الأيام ، وتمتدُ إليها يدُ الزّمان ، وترسمها لوحة بدون ملامح . . هلْ أملكُ المقدرة على استرداد طيفكَ منْ بين أكوام الأطياف العابرة وأشباح الماضي والتي ما زلْتُ أتجنبها . . وأبتعدُ عن هجماتها الشّرسة التي تُدمي القلب ، وتحاصرني في مستنقع راكد هامد . . تنقضُّ عليَّ بأنيابها تلتهمني وتمزقني ، تلتف حولَ روحي ، تنتزعُ أنفاسي على وقع عزف الألم وسياط الذكرى ، تمرّغُ روحي بوجع ما عرفته ، ولمْ أحسُّ بمرارته . . أجرعُ منه جرعات متتالية وكأنني أعتدّْت نكهته ؛ لِأقف أواجه الذكريات قويّة عصيّة على هجماتها . . .
أشعرُ بالضياع وبالغثيان . . أتخبطُ في سراديب عالم الذكريات المظلمة ، أشتمُّ رائحة انبعاثها من الزّمن البعيد ، أحسُّ انهيار جدرانها الضيعفة المتآكلة ، تحوّلها لفتاتٍ تتناثرُ في عالم النّسيان ، و في قلب هياكل الأمل المتنهدة في غياهب العتمة ودهاليز الظلام . . .
ابتساماتي ماكرة ضعيفة تظهرُ بخطوط قصيرة العمر والمدى . . تقف ُسورًا بيني وبين عقلي الذي أخذ يبيعُ دهشته على أرصفة الحيرة والتّيه والضياع غير مصدق ٍ وسيوف الذكرى تنهال عليه بقسوة حوافر الخيل . . تمزّقه وتتركه ينزف ألمًا . .
هلْ أسرد قصتي أمام كلّ الأشياء الي تستعيد الذكرى وتعيدُ مشاهدها في الرّوح كلّما جنَّ الليل تاركةً سيف وجعٍ يطوفُ محعدّقًا . . يهدأ ويثور ويبعث ألحانًا غريبة الأطوار . . وبينَ هذا وذاكَ اتحوّلُ إلى عالمٍ يفيضُ بأشباحّ منهزمة إلى الأفق البعيد . . إلى شؤاطئ الذكرى و سفنها الغارقة في بحار التّيه . . .
عندما تهاجمك آلام السّنين وأنياب الأيام . . وتثورُ في وجهك زوابع الذكرى . . وتضيق الأرضُ بهمومكَ . . وتقضُّ مضجعك الآمال التائهة والأحلام المفقودة . . وتصفعك صرخات تحيطُ بك . . وتمرُّ الساعات والأيام والسنين ساخرة مستهزئة . . وعندما تعبرُ الآلام تشقُّ خطوط الزّمن المرسومة على ثنايا المكان . . وتواجهك الحقائق مرة مؤلمة مظلمة. . وتشرف سفنك على الغرق والضياع . . عندها ارسمْ على وجهك ابتسامة كشمس آذار . . نقيّة قوية راسخة كأشجار دهرنا العنيد . . متفتحةً كزهور نيسان . . مُغردة كطيور أيلول . . ارسمْ دائرة نقيّة كقلبك. . أنرْ جوانيها بالياسمين . . وعبق الذكرى . . و ستكونُ هي دائرة الانتظار . . .
 
 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.