الرئيسية » » صباحات | ماجدة الظاهري

صباحات | ماجدة الظاهري

Written By Unknown on السبت، 21 فبراير 2015 | 10:17 ص


صباحات
ماجدة الظاهري



صباحات

1

أقولُ صباحَ الْخيرِ 

عَلَّ... علَّ... علَّ... 

ينقر ُنافذتَكَ طيْرٌ

يخبرُكَ أنِّي هُنا 

في كفِّي أمرٌ ما

تخْبرُكَ عنْهُ أناملي

يطيرُ الطّيْرُ وأحطُّ أنا

2

وأنتَ تفرُكُ عينيكَ

يغالبُكَ النّعاسُ

تسحبُكَ منهُ همْسةٌ

كرذاذِ غيمةٍ شاردةٍ

تفْتحُ عينيكَ

تلكَ أنا 

أحبُّ أنْ أقاسمَكَ قهْوةَ الصّباحِ 

سأشربُها وأنتَ سكَّرُها

كُتِبَ عليْكَ الْيومَ أن تشْربَ قهْوتيْنِ

وأنتَ تمْسكُ بعرْوةِ الْفنجانِ

بينَ السبابةِ والإبْهام ِ

ردِّد اسْمي مرّتيْنِ

هكذا أنا

اثْنتانِ

واحدةٌ تحبُّكَ

وثانيةٌ تأبى إلاّ أنْ تحبَّكَ

قلْ صباحَ الخيرِ

لتزهرَ بينَ شفتيَّ

غاباتُ إكليلٍ وزعْتر

3

هذا الصّباحَ

تنطلقُ من حنْجرتي أسرابٌ من الْعصافيرِ

كنتُ أتدرَّبُ (مجبرةً) على كتْمِ أصْواتِها

هي الآنَ تمدّدُ زقزقتها 

تتفتَّحُ أزهارُ الياسمين

تبتسمُ الشمسُ

يسعفُني الْبريقُ

أتحسَّسُ ملامِحَهُ 

أحزمُها على ظهرِ الْقلبِ 

أشرعُ في عدِّ الخُطى الباقيةِ

إلى ساحةِ العمرِ 

أتوسَّلُ للمسافاتِ

ألّا تهربَ من الْخطوةِ الْقادمةِ

وأشاركُ الْعصافير الْغناءَ

4

لا شيْءَ يعْجبُني غيرُ الصّباحِ الذي يشْبهُكَ

رويداً رويداً تتبدَّى ملامحُهُ في ملامِحِكَ

يصيرُ الْوقتُ حقائبَ للرَّحيلِ

ثقيلٌ حَمْلُها

ثقيل حِمْلي

سيأتي اللّيلُ ويبعثرُها

5

الْوردةُ التي بكتْ هذا الصّباحَ 

ستجرحُ قطراتُ نداها خدّيهِ

الصّباحُ يحْتاجُ إلى نماذجَ أخرى من الْوردِ

ليكونَ أجْملَ

الْوردُ يحبُّ الصّباحَ حتّى حين يبْكيهِ

6

استيقظتْ وفي حضْنِها

باقةٌ من ورودِ كلِّ الأرضِ

دَلَّها عطْرُها

إلى مزهريةٍ زرقاءَ

ما عادَ للْخزامى

أريجٌ فيها

بيدٍ أفْرغتُها

بأخرى ملأتُها

ارْتَعَدَتِ المِزْهَرِيَّةُ

رفعَ الْحصانُ الْخشبيُّ يسراهُ 

أنْزلَ يمْناهُ

رقصتْ أشياءٌ صغيرةٌ

على رفِّ الْمكتبِ

الشّرفةُ تململتْ ستائرُها

صارتْ أمْواجاً خطوطُها

الكرسيُّ الصّغيرُ

رتَّبَ نفْسَهُ

لجلسةٍ قادمةٍ

واسترسلَ الْبابُ

في حلْمٍ آخرَ 

خطْوةً لها

هكذا تفعلُ الْورودُ 

كلَّما قبَّلتْ خدَّ الصّباحِ

7

ككلِّ صباحٍ

تتفقَّدُ حقيبةَ سفرِها 

ترتِّبُ وعودَهُ لتعودَ إليها مساءً

تبعثرُها لتعلِّمَ الحقائبَ

كيف تعودُ إلى التّيهِ الأوَّلِ 

وكيفَ يكونُ شكلُ الرّحيلِ

8

تتمْتِمُ بكلامٍ لا يفهمُهُ غيرَ الطَّيرِ 

وتقولُ لنْ أعودَ

وعندَ أوَّلِ خيطٍ للفجرِ

تسحبُها خطواتُها 

تطير حافيةً إلى طريقِ الجمرِ

ترفعُ كفَّيها جسراً للعابرينَ إليكَ

9

صباحٌ يحطُّ الرِّحالَ 

بثقلِ الأحلامَ المستعصيةَ

على ضفافِ الحنينِ

يمدُّ كفَّه للعرَّافين

هذا خطٌّ يمتدّ للبحرِ

والغرقُ أكيدٌ

هذا خطٌّ يشقُّ قلبَها الصَّحراءَ

من الوريدِ إلى الوريدِ

هذا خطٌّ يقسمُ الطَّريقَ

نصفٌ أثّر الخطوُ فيهِ

ذرَتْهُ الرِّيحُ

نصفٌ ينبتُ لهُ كلَّ صباحٍ 

جناحٌ جديدٌ

10

تقولُ البلادُ هذا الصّباحَ

غطتْ دموعُ المقهورينَ المرايا

أمرِّرُ كفِّي عليها

أرى الرّاقصينَ

يسرجونَ خيولَ الخديعةِ

يخبو الفرسُ تلوَ الفرسِ

الميدانُ لا يسعفُ في الرَّقْصِ عليهِ

تقولُ البلادُ

خرابٌ كلُّ الميادينِ

حينَ يصيبُ العمى الفارسَ

وحينَ تعرُجُ الفرسُ

11

الغصنُ الذي أشذِّبُهُ كلَّ صباحٍ حتَّى لا يفيضَ على احتياجاتِ الشّجرةِ

تتوالدُ نتوءاتُهُ

يصبحُ شجرةً إلى جانبِ الشَّجرةِ

إلى أنْ صارَ غابةً وصرتُ قاحلة

12

منذُ ساعاتٍ كانَ هنا

يرتبُ حواسَّهُ الخمسَ كانَ 

فتندلقُ من أناملِهِ ظلالُ حبيباتِهِ 

يجمّعُها بدونِ صخبٍ ويمدّدُها على سريرِ هواجسِهِ

نام حارسُ القصيدةِ على زندِ الوردةِ 

وأنا وأنا وأنا وأنا وأنا

صرْنَا النّخلةَ التي وخزَ سعفُها طفلاً 

رسمَهُ الحارسُ على جدارِ البيتِ 

فتململَ

التقَطَ الطّفلُ ظِلَّ الحارسِ 

أعادَهُ إلى بيتِهِ

بكينا جميعُنا 

حينَ تعرَّفْنَا على أسمائِنا

في الصّباحِ

13

كانَ الهواءُ لاذعاً

بعثرَ كلَّ الأشياءِ

وخطَّ على الورقةِ قصيدةً حمراءَ

تذوَّقْتُ القصيدةَ 

كانَ طعمُها مختلفاً 

كهواءِ صباحِ السّابعِ عشرَ من ديسمبر 

مرّ الهواءُ 

مرّ الأحبةُ 

ومرَرْنا

وبقيتِ القصيدةُ
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.