الرئيسية » » رجل من برج الثور | سارة علام

رجل من برج الثور | سارة علام

Written By كتاب الشعر on السبت، 27 ديسمبر 2014 | 12:20 م

سارة علام
رزين، لديه كاريزما، تتحرك أحاسيسه بحاسة اللمس، مراوغ
أحب الثور، ولا يحبني غالبًا، يلتفت حين يتأخر الوقت، رزين ولديه كاريزما تخترق أنفي كلما مر أمامي، أشم فيه رائحة معركة انتهت للتو على حلبة المصارعة، أحب المعارك كثيرًا تشعرني بالفحولة دائمًا، الثور أيضًا، يثير أنوثتي بقرنيه الطويلين واندفاعه نحوي مثلما يفعل في الماتادور أو مصارع الثيران الأسباني.
لما رأيت الثور للمرة الأولى، كان يجلس على مكتبه، ينظر إلى الشاشة أمامه، ويختلس النظر إلي، تكرر ذلك كثيرًا جدًا، حتى مللت، بادرت وذهبت إليه، قدمت نفسي وابتسمت فحرك الثور قرنيه إعجابًا وعدل من جلسته، صافحني وعاد لينظر إلى جهازه.
بعدها بساعة، جاء موعد استراحة الغذاء، كنت أجلس على طاولة فارغة، باغتني الثور وجلس أمامي وهز قرنيه في زهو، جلس في هدوء، نظرت إلى تلفاز مثبت أمامي كانت سعاد حسني ترقص في فيلم "خلي بالك من زوزو"، وتغني.
 نظر إليها وقال "أجمل ما رأيت من النساء، ثم استدار وقال لي هل سبق أن قال لك أحدهم إنك تشبهينها؟" ابتسمت وقلت له وأنا اصطنع اللامبالاة نعم أكثر من مرة.
تضايق الثور، من غروري، أو من مغازلته التي ظن إنها فريدة وأولى فتبين إنها قديمة ومستهلكة
دب بقدمه على الأرض فارتطمت بالطاولة، ثم أخذ في تناول طعامه بهدوء وهو يحاول أن يتجاهل الموقف كله.
انتهت استراحة الغذاء، وخرجت إلى جوار الثور، ميزت نوع عطره، فرح وابتسم، هز قرنيه سعيدًا منتشيًا، أخرج هاتفه، وفتح الفيس بوك وأشار إلي لأكتب اسمي ففعلت، وابتسمت.
عاد الثور إلى مقعده، ينظر إلى الشاشة، ويمنحني نظرة جانبية مختلسة، أحببت اللعبة، غيرت مقعدي وجلست أمام الثور، ولما عدت إلى المنزل، ترك لي رسالة يعرض علي تناول القهوة يوم العطلة في كوفي شوب شهير، وافقت على الفور.
قابلته في المكان المتفق عليه، سلم علي، وضغط بيده الكبيرة على يدي، وهز قرنيه، لما نظرت في عينيه إعجابًا، ثم شد المقعد وأشار إلي بالجلوس، جلسنا فقال أن هذا المكان شهد أول لقاء بحبيبته السابقة، وحكى كثيرًا عنها، حتى انتبه إلى ذلك، غير دفة الحديث فجأة و سألني ماذا أحب أن أشرب، اخترت الكابتشينو، اختاره مثلي، وأكملنا النميمة على زملاء العمل.
ثلاث ساعات، أجلس أمام الثور يهز قرنيه، يضحك، ويبتسم، ولا يتخلى عن هدوئه أبدًا، حتى انتبهت إلى إنها صارت الحادية عشر، وقررت الرحيل.
ودعني الثور، بعد أن ضغط علي يدي، عدت إلى المنزل، وأنا أفكر في قرنيه الذين اهتزا كثيرًا، دون أن يتحرك جسده الضخم معهما.
تكررت لقاءاتنا، وفي كل مرة يجد الثور في حديثي سببًا جديدًا ليهز قرنيه أمامي، وبينما كنت عائدة من لقائنا الخامس، استوقفتني فاترينة "النساجون الشرقيون"، كان المحل يعرض سجادة حائط لمصارعة ثيران أسبانية، فاشتريتها بسرعة دون أن أفكر في حسابات ما بقي من المرتب ونحن في  آخر  الشهر.
علقت السجادة على حائط غرفتي، كلما استيقظت نظرت إليها وتذكرت اهتزاز قرون الثور، أنا أحب الثور إذن، طلبت منه أن يأخذني إلى السينما، ووافق.
قابلته أمام مول شهير في منتصف شارع الهرم، أكلنا البيتزا ، ثم صعدنا بالسلم الكهربائي المتهالك بعدما ضغط الثور على يدي، قطعنا التذاكر، وضعها الثور في جيبه، وهز قرنيه لما أشدت بلون قميصه الأحمر مع لون بشرته الداكن وعيونه العسلية، جذبني الثور من يدي وأخذنا ننظر إلى المحلات في المول، ثم توقف فجأة أمام محل ملابس داخلية وأشار إلى قميص نوم أسود مثير.
أشار إليه وهو يهز قرنيه، بينما كنت أحاول أن أخبئ عيني خجلًا من وقاحته، واندفاعه، قال لي ما رأيك؟، ضحكت وقلت يليق بأنثى بيضاء ممتلئة، ثم جذبني من يدي وواصلنا التجول في المول حتى جاء موعد الفيلم.
في السينما لصقت رأسي برأس الثور، لأشم رائحة عطره، وأرى قرنيه عن قرب، قرونه حمراء، وكبيرة ومخيفة تحتاج لمن يقترب منها حتى يراها جيدًا، بطل الفيلم يعترف للبطلة بحبه، أنظر إلى الثور وأتمنى تقبيله، يبتسم بخبث ويفهم ما أريد فيتجاهل.
ينتهي الفيلم، ويعيدني الثور إلى المنزل بعد أن يهز قرنيه، ويمنحني تذاكر السينما في يدي كتذكار، آخذهما وأضعهما في حقيبتي.
أعود إلى المنزل، أتأهب للنوم
 فوق سريري أنظر إلى سجادة الثور في المصارعة، وهو يتفادى ضربة قوية سددها الماتادور بعناية، وأقرر أن أرسل إلى الثور لاعترف له "أنا أحبك منذ أن هززت قرنيك أمامي" أرسلها، وأدس الموبايل أسفل وسادتي، أنتظر رده فلا يرد.
استيقظ وأذهب إلى العمل مبكرًا، في انتظار أن أرى الثور، يختفي صباحًا، ويظهر نهارًا في الكافتريا، أجلس بصحبة اثنين من الزملاء في المكان ذاته، يقول له أحدهم "عاوزين نشوفلك عروسة"، يجيب الثور ياريت وهو ينظر إلي بطرف عينيه، أخرج دخانًا من أذني، وأقوم من مكاني، أتظاهر بطلب المزيد من الخبز حتى أتجاوز الموقف.
أعود، زميلي يعرض على الثور الزواج بزميلة أخرى، فيرد الثور وهو يهز قرنيه "والله حلوة"، تقطع زميلتي الحديث بأسئلة عن تفاصيل العمل، وأعود لمكتبي وأنا في حالة غضب شديدة.
الثور يطلب مقابلتي، التقيه بعد العمل مباشرة، يسدد إلي ضربة أولى، نحن أصدقاء أنت تفهمين الصداقة بشكل خاطئ، أتفادى الضربة وأقول تفهم النساء الاهتمام الزائد بشكل خاطئ، يراوغ الثور كما يفعل في حلبات المصارعة، حتى أن قرونه التي يهزها فرحًا سددها كلها في جسدي  تلك الليلة، تركت قرونه ندبات كثيرة، بعضها في صدري وأخرى في ذراعي حين كنت أحاول أن أتجنب المزيد من الضربات القادمة من كل اتجاه.
عدت للمنزل، وأزلت السجادة التي علقتها في غرفتي، منحتها لأمي لكي تضعها في غرفة أخرى وهي تسأل عن السر، فلا أجيب.
أعود للعمل، يتجنب الثور مطالعة وجهي، كلما رآني سدد لي نظرة جانبية، تظاهر بالانشغال بأعمال كثيرة أمامه، ثم يمر وقت طويل، وأعرف أن الثور سيخطب إحداهن.
الثور، سيخطب فتاة باردة وبلهاء، لن تستطيع أن تهز قرنيه أبدًا
يخطبها الثور، أعمد إلى تهنئته فيضرب الأرض بقدمه غيظًا، ولا أهتم.
يتزوج الثور وهو ينكس قرنيه في الأرض، يتداول الزملاء صور عرسه، وأنا أبحث عن قرنيه فأجدهما منكسين دائمًا ولا أفهم على وجه التحديد سر ذلك، ثم تمر أيام أخرى، ويترقى الثور حتى يصبح مديري المباشر.
كلما أمسكت بورقة وذهبت إليه ينظر إلي ويحاول أن يهز قرنيه، فلا آراهما،  حتى سألني عن أخباري العاطفية فقلت له أن رجل من برج الميزان سيخطبني
 ينصحني الثور ألا أتزوج زميل عمل، لأن الأمر ممل جدًا، يعلل، ابتسم وأنا أنظر في عينيه وقد نبت لي قرنان أهزهما من السعادة.
أضع يدي على قرنيه وأقول له "أين قرونك الطويلة؟"، يدب الأرض بقدمه ويقول سقطت في دورة مفاجئة مع ماتادور غبي لم يستطع أن يهزهما جيدًا، تيبسا وسقطا، أحاول الآن أن أجد لهم تعويذة جديدة تساعدهما على النمو.
أشمر قميصي وأنا أنظر إلى جرح قديم سدده لي حين ضرب قرونه فيه يوم لقائنا الأخير، وأقول له "تحتاج القرون إلى من يعرف كيف يحركها وإلا وخزت جسده.
يتحسس الثور موضع قرونه الميتة، ينكس رأسه، يدب الأرض بقدميه كثيرًا، تأتي زوجته، يرفع ذيله في وجهها، يسقط على الأرض، يتخضب جسده بالدماء، تمسكه من رأسه، تحاول أن ترفعه، يقوم معها على مضض، ولا تبين له قرون مرة أخرى أبدًا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.