صدر حديثاً عن منشورات المتوسط ـ إيطاليا، مجموعة شعرية للشاعر السعودي زكي الصدير، حملت عنوان "عودة غاليليو". ومنذ البدء يقترحُ الشاعر زكي الصدير في "عودة غاليليو" ما يشبه المانيفستو الشعري، الذي يتأسس على الانفلات من إيقاع الرتابة، والخروجِ عن المألوف بحدس المتمرِّد، بعيداً عن كليشيه المفاهيم المُضادَّة والصور المعكوسة. المعارضة في هذا الكتاب، تأتي من ملمحٍ شعري يظهرُ جليّاً في اقترافِ الحياة، قبل الكلمات. تلك التفاصيل، التي لا تتوقَّف عند حدِّ سردها، أو عدِّها في قوائم موائد الكون، إنَّما تلعبُ دوراً أهمّ من مجرَّد وجودها، لعلَّه حضورها ككائناتٍ يتعاملُ معها الشاعر بدِقَّة مجرِّبٍ يختبرُ وهم الخلاص.
يصرِّح الشاعر في قصيدة "حفلة الموتى":
أُمَنِّي نفسي بالخلاص
الخلاصِ الذي يلفُّ جِلْدَ الكون
ينتظرُ الطوفان
يُعلِّق أحاجيه في العتمة.
تكشفُ قصيدةُ زكي الصدير عن نفسِها في صفحةٍ متفرِّدة، حولها بياض مُريب. صورةٌ لبابٍ ماثلٍ في الفراغ، لا يمكنُ تجاوزهُ دون مفتاحٍ في اليد، هكذا نقرأ ما تريدُ قوله الكلمات، ما ترسمه لنا من طرقٍ وإن تشعَّبت، وما تمنحنا من دهشةٍ تمتزجُ فيها الأشياء بالاحتمالات، صانعةً عالمها في عالمٍ آخر.
في قصيدة "قلب زهري مفتوح" كتب الصدير:
هربتْ للتّوّ من عملِها، لتُقابلَ غريباً في مَقهى
فتاةٌ عذبةٌ ترتدي تنّورةً سوداءَ وقميصاً أبيض
الجديلةُ التي في يدي كانتْ لها
الفنجانُ في يدِها كان لي
لم تتعرَّفْ علينا
هو بقميصٍ زهري
وأنا بقلبٍ مفتوح.
لا يتردَّد زكي في زعزعةِ ما تطمئنُّ إليه اللُّغة، منطلقاً من حدسه الشعري الأول بالعالم، كما لو أنَّه يعيدُ تشكيله المرَّة تلو المرَّة، وقد دمَّره بيديه دون ندم. ليبدو من قصيدةٍ إلى أخرى وكأنَّه يتقمَّص أدواراً يدَّعي أنها تنجيهِ من ظلمِ الأسقف الواطئة، والنوافذ المغلقة، والتاريخ المتراكم عند كلِّ العتبات. يعتذرُ عن سيرة الدَّم واللَّيلِ المالح المليء بالقتلة، يسرد هواجسه في العتمة، يتجوَّل بحقيبةٍ فارغة ويكتب وصيته لغريبةٍ عابرة في البيت، وحين أدرك أنَّ الطمأنينة أخت الموت، راح يلعبُ للمتعة ولإحصاء الاحتمالات...
خائفٌ...
حتَّى في القولِ «إنَّكَ خائفٌ» خائفٌ
لا تجرؤُ أن تشيرَ إلى الشمس
ولا أن تهمسَ لأحدِهِم «إنَّ الأرضَ تدور»
لا شكَّ أنَّنا نستحضرُ غاليليو العائد في هذه القصيدة حتّى قبل اكتمالِها، لنترُك الأرض تدور ونذهبَ بخطى غير خائفة إلى عالم الشاعر السعودي زكي الصدير في مجموعته الشعرية "عودة غاليليو" التي صدرت في 88 صفحة من القطع الوسط، ضمن مجموعة "براءات" التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
زكي الصدير شاعر وكاتب سعودي، مواليد 1975، صدر له شعراً: "حالة بنفسج" نص شعري مرافق لتجربة الفنان التشكيلي السعودي حسين المحسن 2006. "جنيات شومان" 2008. "حانة" 2011. "شهوة الملائكة" 2013. كتاب "30 شاعراً، 30 قصيدة"، مختارات من الشعر السعودي الجديد 2016. له عدة مقالات صحفية ثقافية في جرائد ودوريات ومجلات محلية وعربية.
يصرِّح الشاعر في قصيدة "حفلة الموتى":
أُمَنِّي نفسي بالخلاص
الخلاصِ الذي يلفُّ جِلْدَ الكون
ينتظرُ الطوفان
يُعلِّق أحاجيه في العتمة.
تكشفُ قصيدةُ زكي الصدير عن نفسِها في صفحةٍ متفرِّدة، حولها بياض مُريب. صورةٌ لبابٍ ماثلٍ في الفراغ، لا يمكنُ تجاوزهُ دون مفتاحٍ في اليد، هكذا نقرأ ما تريدُ قوله الكلمات، ما ترسمه لنا من طرقٍ وإن تشعَّبت، وما تمنحنا من دهشةٍ تمتزجُ فيها الأشياء بالاحتمالات، صانعةً عالمها في عالمٍ آخر.
في قصيدة "قلب زهري مفتوح" كتب الصدير:
هربتْ للتّوّ من عملِها، لتُقابلَ غريباً في مَقهى
فتاةٌ عذبةٌ ترتدي تنّورةً سوداءَ وقميصاً أبيض
الجديلةُ التي في يدي كانتْ لها
الفنجانُ في يدِها كان لي
لم تتعرَّفْ علينا
هو بقميصٍ زهري
وأنا بقلبٍ مفتوح.
لا يتردَّد زكي في زعزعةِ ما تطمئنُّ إليه اللُّغة، منطلقاً من حدسه الشعري الأول بالعالم، كما لو أنَّه يعيدُ تشكيله المرَّة تلو المرَّة، وقد دمَّره بيديه دون ندم. ليبدو من قصيدةٍ إلى أخرى وكأنَّه يتقمَّص أدواراً يدَّعي أنها تنجيهِ من ظلمِ الأسقف الواطئة، والنوافذ المغلقة، والتاريخ المتراكم عند كلِّ العتبات. يعتذرُ عن سيرة الدَّم واللَّيلِ المالح المليء بالقتلة، يسرد هواجسه في العتمة، يتجوَّل بحقيبةٍ فارغة ويكتب وصيته لغريبةٍ عابرة في البيت، وحين أدرك أنَّ الطمأنينة أخت الموت، راح يلعبُ للمتعة ولإحصاء الاحتمالات...
خائفٌ...
حتَّى في القولِ «إنَّكَ خائفٌ» خائفٌ
لا تجرؤُ أن تشيرَ إلى الشمس
ولا أن تهمسَ لأحدِهِم «إنَّ الأرضَ تدور»
لا شكَّ أنَّنا نستحضرُ غاليليو العائد في هذه القصيدة حتّى قبل اكتمالِها، لنترُك الأرض تدور ونذهبَ بخطى غير خائفة إلى عالم الشاعر السعودي زكي الصدير في مجموعته الشعرية "عودة غاليليو" التي صدرت في 88 صفحة من القطع الوسط، ضمن مجموعة "براءات" التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
زكي الصدير شاعر وكاتب سعودي، مواليد 1975، صدر له شعراً: "حالة بنفسج" نص شعري مرافق لتجربة الفنان التشكيلي السعودي حسين المحسن 2006. "جنيات شومان" 2008. "حانة" 2011. "شهوة الملائكة" 2013. كتاب "30 شاعراً، 30 قصيدة"، مختارات من الشعر السعودي الجديد 2016. له عدة مقالات صحفية ثقافية في جرائد ودوريات ومجلات محلية وعربية.