الحاكم بأمر الله يخلف أبيه علي حكم مصر 996م
تولي الحاكم بأمر الله السلطة خلفاً لأبيه العزيز بالله سنة 996 م / 386 هج و كان في 11 من عمره فتولي الوصاية عليه أبو الفتوح برجوان، الذي تنسب إليه حارة برجوان. ثم انفرد الحاكم بالسلطة و هو في الخامسة عشر من عمره.
يعد عهد الحاكم من أغرب العهود التي عاشتها مصر، فبعد أن أمسك الحاكم بمقاليد السلطة من برجوان تحول إلي سفاك للدماء و أتي بأمور تشير إلي أنه ربما كان مختلاً عقلياً ، فقد قتل الحاكم أبا الفتوح برجوان خوفاً من سلطانه، و اضطهد العلماء و كتب علي المساجد سب الصحابة ولكنه عاد و محاه، و اضطهد أهل الذمة و هدم كنائسهم و أجبرهم علي لبس أجراس ثقيلة في رقابهم ، و لكنه عاد و عدل عن سياسته.
كما أدعي الحاكم بأمر الله الألوهية و معرفته بالغيب، و هناك مخطوط اسمه “رسائل الحاكم بأمر الله و القائمين بدعوته” تبين ما يدعيه الحاكم من صفات الألوهية.
وساعد الحاكم بأمر الله علي ظهور و انتشار المذهب الدرزي ، ففي سنة 1018 م / 408 هجريا ظهر رجل شيعي متطرف يدعي حمزة بن علي الزوزني أخذ يدعو لتأليه الحاكم بأمر الله عن طريق حلول روح الله تعالي –معاذ الله – في آدم عليه السلام ثم انتقالها إلي علي بن أبي طالب ثم الحاكم بأمر الله.
و صدق الحاكم مذهب الزوزني فانتشرت الفكرة بين كثير من السذج في الشام . و لما قتل الحاكم في القاهرة لم يعترف هؤلاء بموته بل اعتقدوا أنه سيرجع في آخر الزمان لأنه المهدي المنتظر.
و لقد انتشرت أفكار حمزة بن علي الزوزني في الشام علي يد محمد بن اسماعيل البخاري الدرزي الذي ينسب إليه المذهب الدرزي، و يتركز معظم معتنقي هذا المذهب في سوريا و لبنان و فلسطين الآن.
أعمال الحاكم بأمر الله في مصر و نهايته
أتم الحاكم بأمر الله المسجد الحاكم الذي بدأه أبوه العزيز بالله . كما انشأ دار الحكمة سنة 1005 م / 395 هجريا لنشر المذهب الشيعي لتنافس المكتبات الكبري في بغداد العباسية و قرطبة الأموية، و كانت تضم عدداً من القراء و الفقهاء و المنجمين و النحاة و اللغويين و الأطباء، و كان بدار الحكمة مكتبة سميت بدار العلم حوت ما لم يجتمع مثله في مكتبة من المكتبات.
مسجد الحاكم بشارع المعز بالقاهرة
اغتيل الخليفة الحاكم بأمر الله عام 1020 م / شوال من عام 411 هجريا بعد أن أمضي 24 عاماً في الحكم ، و لا يعرف يقيناً كيف و لا من قتله ، و تقول المصادر التاريخية أن أخته ست الملك تآمرت مع الوزير سيف الدين بن رواس عليه فبعثوا بعبيد خلفه فقتلوه و هو يتنزه في صحراء حلوان.
خلف الحاكم في الخلافة الفاطمية ابنه الظاهر لدين الله
تولي الظاهر لدين الله الحكم خلفاً لأبيه سنة 1020 م / 411 هج ، و لكنه كان في 16 من عمره، فقامت عمته بالإشراف علي شؤون البلاد لمدة أربعة أعوام حتي توفيت عام 1024 م / 415 هجريا ، فأكمل الظاهر حكم الدولة. من أبرز معالم عهده أنه ألغي القوانين الشاذة التي أصدرها أبوه الحاكم بأمر الله ، كما عمل علي كسب ود أهل الذمة و أطلق لهم حرية إقامة شعائر دينهم.
أصيب الظاهر بمرض شديد حتي وافته المنية سنة 1035 م / شعبان 427 هجريا و هو في 31 من عمره ، فخلفه ابنه أبو تميم معد الذي لقب بالخليفة المستنصر بالله.