خواتم الثلج والنار
لستُ حزينة يا حب ..
هو اللبلاب ...
لبلاب يتعربش بعنق تلك اللافتة القديمة ..
تركَتْها الشوارعُ وإشارات الضوء لشاعرٍ مسكين يحاول الإمساك بصوت الغياب على سكة قطارٍ غريبة..
إنها الأسماك ..
الأسماك التي لم تستطع الإمساك بقلبي وهو يطير..
لا أدري لمَ أصر على الالتصاق بتلك الفكرة الصغيرة ...
طفلة خائفة ..
أمسكت الحروب بأكمام أمها و تحولت ورود (خفتانها )لنعش من الفراشات..
نسيت أن تغطيها في ليلة تشرينة باردة ..
مازالت تكتب القصائد وترتجف حتى اللحظة.. ..
..لا أدري لماذا انهك وجه العصافير والأشجار والأشباح ببقعة قهوة سقطت صدفة على قلب السماء فشحب لوني..
ألا يكفي أن أنظر إلى الأسماك وهي تطير..
لست حزينة (كزبامن) ..
صدقني لست حزينة ..
كل ما هنالك أن حبيبي رفع دمعتي الأخيرة للسماء ..
انهمر المطر طويلاً ولم أستطع البكاء..
أدرك أن دموعي ثقيلة لا يحتملها سوى جرح تركته الاشجار على خذك..
و آلهة عمياء أمسكت يدها لا أعرف إلى أين....
لكني لا أدري من طيّر الحمام على صدرك ..
و رمى برسائل الماء الممتلئ لروحي الفارغة الليلة؟...
من رمى بأنفاسك طوقاً لورود اللوتس على جسدي ..
وجمع شاماتي في ثقب اسود يطفو على سطح عينيك؟...
من عقد حقائب الحريق وأعاد عنقي نجمة سفر للوحدة الكثيفة؟..
للوحدة المفتوحة على احتمالات البلل في روح الماء..
من مزّق شوق صوري القديمة فيك؟..
وغسل عطش تناثري في ظلال تغطي قلوبنا..
تتأمل العابرين وتكتفي بأن تكون أوراقاً منهمرة تبتسم لوجهينا في نهاية الطريق..
. لستُ حزينة (شوقى رحى من)..
إنه الليل ..
الليل يتمايل ويعود برائحة ترابي الأولى كما تفعل روحي الآن..
فالياسمينة تلاحقني ..
ورعشة النهر تلاحقني ..
وصوت الأشجار يلاحقني ..
ووجهك البعيد يلاحقني....
و لعنة الشعر تلاحقني...
.والله..
صدقيني أيتها المفاتيح المنقوشة بشهوة الصهيل وترف الدمع السعيد ..
لستُ حزينة ...
إنه الليل يتمايل ويعود بأسمائي الأخيرة..
يعود بأنفاس نعاسك ..
بشفتك السفلى كتلة عالية لم أصل لنهايتها رغم كل القبل...
ليل يسافر بألوان القمر على نافذته الحزينة هذا المساء..
إنه الصباح:
فكرة أعيشها بعد منتصف الليل لمجرد أن رائحة اسمك تستيقظ الآن..
الان وأنا أحاول أن أكوّم جسدي على ظهرك المكسور ولا أستطيع... ..
أبكي ثم أفرد شعري للظهيرة وأترك خمرة الحناء ليديك الصغيرتين.
انظر الى جهة الحريق فلا اجد منك سوى رمانة فرطها سرب عصافير تسمت بصوتي..
وماتزال أجنحتها معلقة في السماء..
ترسم قلباً كبيراً وتبكي...
أركض نحو الماء..
صف من الخواتم الخشبية الضيقة..
جسر طويل يمتد بداية من أصابعي الخدرة وينتهي في فمك ..
أرفع رأسي ...
اكاد اختنق ...
إلهي اين العصافير...
اتأمل جدارا يفصل النار عن الماء..
و اشفق على النساء اللوات متن في طريق عبورهم اليك ..
النساء اللواتي لا يتقن فن الخياطة وكي الألوان المجعدة على انغام الشجن ورائحة الشوق ..
نساء تسرب الغبار لوحدتهن الأربعينة و ملأ رفوف الذاكرة...
نساء يشعرن بالخوف من انعكاس وجوههن في المرايا..
واشفق على الرجال الذين خرجوا من روحي يدقون طبول نجاحاتي الخاسرة ..
يتوسدون دموع نسائي الكثر ويضحكون...
لست حزينة ياحب ..
ربما كان علي ان اتوضأ قبل محاسبتك مرتين..
كان علي محاسبة ليلى على ما صنعته بالذئب..
و أتعلم كيف اتعاطف مع الثلج الذي قتل فيتالس..
وأعاود عد اعواد ثقاب انطفأت سريعاً قبل ان ترى بائعة الكبريت حلمها..
ربما كان علي ان أكره شمس التبريزي لأنه لم يستطع شنق الزهور على ثوب مريم..
ربما كان علي ان أعاقب الآلهة على موت تلك الطفلة بردا تحت الخيمة في حضن دمية..
لست حزينة يا حب ..
فقط لو لم تكن أكبر مني بثلاثة فراشات وضوء..
لو لم تكن عيناك جميلتان هكذا كوجع..
و رموشك حنونة بكل هذه القسوة ..
لو لم تكن أسنانك بيضاء ..
بيضاء كقلبي ...
و عصافير روحي تطير مع ابتسامتك الواسعة ..
فقط لو لم اكن هكذا لئيمة..
لئيمة كالخير لغلبتك أيها الحب ...
صدقني لغلبتك و الحزن..
لكنك غلبتني.
............................
9/12/14
خفتان ...القفطان
كزبامن ..كبدي
شوقى رحى من ..نور روحي