الرئيسية » » هنا مقعد فقط | فردوس عبد الرحمن

هنا مقعد فقط | فردوس عبد الرحمن

Written By هشام الصباحي on السبت، 6 يونيو 2015 | 12:28 م

هنا مقعد فقط



علك أحببتنى أكثر مما تصورت

اسمعى يا أمى .. سوف أرافقك الليلة وأحكى لك عما كنت تخجلين منه فبل أن تتركينى وتذهبى الى الله

لماذا ظننت أنك لم تحبينى أكثر ؟

مع أنك تركت قلبك الضعيف لآكله

وكانت آخر كلماتك تخصنى وحدى

ألم تحك للملائكة أمامى أن روحى حصان يفر من الوقت؟

.....................................

أمى .. تعالى نستريح الآن على مقعد ونثرثر قليلا

خذى قطعة من صوتى علها تقرب بيننا فنصبح صديقتين

أعرف أننى لم آخذ كلامك مفتاحا لحياتى

لذا.. انظرى الىّ فقط

نستطيع أن نثرثر دون كلمات

الكلمات مضخات للهواء

ولسنا فى حاجة الى هواء أكثر

الهواء مراوغ يا أمى..

هكذا فهمت وأنت تطردينه من رئتيك فى غرفة الموت الضيقة

يجب أن اعترف الآن بأن المحبة التى تركتها لى ..تدلت كجثة زرقاء على نافذة الغرفة

محبة ظلت وحيدةعلى نافذة الغرفة

وظللت أنا أيضا وحدى أنظر اليها فى صمت

ماذا كان علىّ أن أفعل فى جثة زرقاء

غير أن أخرج من جميع الأبواب وأترك البيت فارغا

البيوت مفزعة يا أمى

جميعها بها جثث زرقاء على النافذة

خمسة عشر عاما .. وأنا أحمل فراغى وأمضى

فى الشوارع أمضى

تسكعى لى وحدى

وليس علىّ أن أغلق بابا أو أفتحه

وليس علىّ أن أسدل ستائر أو أغطى جثثا

.....................................................

أمى .. خذى هذه وصّليها الى الله

قولى له اقرأها على مهل كعادتك دائما

لست مستعجلة

تفتت غيوم على وجهى وحقول تحت قدمىّ

والأفكار التصقت بحواف جمجمتى كالبعوض

وتقريبا أمام بيتنا القديم

تركنا كلبا ضخما نسى رائحتى

ليس لدينا الآن أمام أو خلف

هنا مقعد فقط

نحن الآن وحيدتان على مقعد

لذا انظرى الىّ فقط لقد تخلصت من ركبتى ومن رأسى المتورمة

ولا أحد يصرخ فى وجهى لمتابعة السير

الأحصنةأيضا تتعب يا أمى

قولى له ان الأحصنة تتعب

وليس لها الآن ركبتان لتصلى بهما

ولا يليق أن تزحف ببطنها على شوارع اهترأت

..........................................................

أعرف أن العواصف تبحث عن رأسى ولا تجدها

والوقت ينمو بخبث تحت قدمىّ

ولست آسفة على أرواح نيّئة هرست أصابعى

على المقعد.. على المقعد فقط..أنظف أسنانى وأسرّح شعرى وأتفرّج على الهواء

هذا كل ما أردت أن أقوله لك

ولن أطلب منك أن تبقى أكثر

أعتقد أن وراءك أشغالا مع الله
Fardous Abd El Rahman
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.