مُنْتَصَفُ اللّيْلِ
ماجدة الظاهري
يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ وَلا يُنْصِفُنا
يَخْطو الوَقْتُ بِمِزاجٍ حالِكِ السَّواد
وَكُلَّما تَعَثّرَ بِفِكْرَةٍ بَيْضاء
تَطايَرَتْ مِنْ نَوافِذِ مُخَيِّلَتِه
أسْرابُ دَهْشات
أبْذُرُ اسْمَكَ في كُلِّ دَهْشَة
يَرْتَبِكُ اللَّيْلُ بَعْدَ المُنْتَصَفِ بِقَليل
يَجْري إلى الوَراء
كَمُتَشَرِّدٍ يَضْرِمُ أكْوامَ الأحْلام
لِتَشْتَعِلَ في فَهْرَسِ الغِياب
مَجازاتُ البَوْح
حينَها أبْتَكِرُ لَنا مَسارا
بَعْدَ مُنْتَصَفِ المَسير
أنَمْنِمُ ما تَفَتّقَ
مِنْ اللَّحَظاتِ المُهَرْوِلَةِ إلى البَهْجَة
يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ وَلا يُنْصِفُنا
حَتّى يَبْزُغَ الفَجْرُ
وَيُشْرِقَ الصُّبْحُ
تُناغي القَصائِدُ
وُعودَ اللَّيْلِ
تُؤَرِّقُني الصُّوَرُ
وَأنا أرْصُفُها طَريقاً إلَيْك
مُلَوَّناً بِذَخائِرِ الانتظار
تُؤَرِّقُني الكَلِماتُ
وَأنا أُسْرِفُ في حَشْدِ
إشْراقاتِ اللّيْلِ عَلى العَتْمَة
تَتَعَكَّرُ مَعانيها
بِما كانَ جَديرا بِالبُكاء
تُؤَرِّقُني الحِكايَةُ
نَخْلَةً كانَتْ
تُرَبّي سَعْفَها أنْ يَطالَ السَّماء
كانَتْ لِمَرْيَمَ ظِلاًّ ظَليلاً
صارَتْ لي عُذوقُها حُمَّى السَّعير
الطَلْعُ عِنْدَ مُنْتَصَفِ الفَرَحِ بَكى
الرُّطبُ دامي الوَجَعِ هَوى
يَنْتَصِفُ اللَيْلُ وَلا يُنْصِفُنا
أتَحَصَّنُ في دَهْشَتي بالذُّهولِ
كَمَنْ خَذَلتْهُ الشَّوارِعُ
المُؤَدِّيَةِ إلى غَيْرِ وُجْهَتِهِ
أرْقُبُ سارِقا يَسْتَغْفِلُ ليْلَ العابِرين
يَسْرِقُ خُطاهُم
خُطْوَةً خُطوَةً
يَهَبُها لِمَنِ اعْتَكَفَ
في مِحْرابِ الفُرْجَةِ
وَأقولُ
لَعَلَّ اللّيْلَ يُنْصِفُنا
ذاتَ مُنْتَصَفٍ