جُــلـجُـلـةُ أمـّــي
أمـّــي
طـريـقُ جُــلـجُـلـتـِك
مـأسـورٌ
بـِفكـيْ ذكـورتـين
مُعـمـّـدٌ
بـِهـطـلِ دمـعـك
زجـاجِـك الـمكـسور
شظايا روحـك
الـمـنـثـورة كــالـهـبـاء
طـريـقُ جُــلـجُـلـتـِك
مـضـرّجٌ بـمـخـاضـات
عـذابـاتـك الـغـزيـرة
وُضـوئِـك الـمـرتـعـد
عـنـد الـمغـرب
عـشـبـِك الـمـجـزوز
بـلا رأفـة
هـاهـو الـشـوكُ الـمُـنـغـمـِـدُ
في جُـلـجُـلـتـِك
أسـرابـاً
يـشـرئـب شـادهـاً
انـبـرتْ أطـرافـه
وتـخـلخـل جـذرُه
مـن دفـقِ ألامـك الـكـثـيـف
الـمُـنـبـتِـل مـن كـل
مـسـاحـةٍ فـيـك
فـي الـروح والـجـسـد
وتـهـمـي الـضـفّـتـان
أزيـزاً مـن أنـيـنٍ عـتـيـق
ورعــوداً مُــدلـهــمّـة
تــشـقُّ الأفـق
لـكـم عـصـرتِ ثـمـارَك
فـي أوعـيـة كُــلــومٍ
لا تـبـرأُ ولـن تـنـدثـر
ودعـكـتِ الـملـح عـلـى
قــروح الـسـمع والـطـاعـة
وسُقٓـيـتِ صـديـد الإجـبـار
لا الـخــيـار
وتـجـرعـتِ الـحـيـاة
بـأسـرهـا وأحـمـالـهـا
حـنـظـلاً مـريـراً
لا تـدركـيـن مـنهـا
قـدر أُنـملـة
لـرأيٍ أو فـعـل
لـحريـةٍ أو هـواء
لالـتـفـاتـةٍ هـنـا
أو فـكرةٍ هـنـاك
لـو اسـتـطـاعـوا
حـجـب الـهـواء عـنـك
لـسـرقـوه
لـو اسـتـطـاعـوا
الـسيـطـرة عـلى أيـضـك
لأداروه
لـو اسـتـطـاعـوا
نـزع دمـاغـك
لاقـتـلـعـوه
اسـتـطـاعـوا قـتلـك
فـقـتـلـوك
بـالـصـورة الـمـلـعـونـة قـتـلـوك
فـغـابـت عـن ملامـحـك الـبـسـمـة
وضـلّ الـفـرح الـطـريـق
اسـتـلّـوا مـنـك حــب الـحـيـاة
والإرادة والاخـتـيـار
خـنـقـوا الـنـوارس
حـرقـوا الـزيـزفـون
مـنحـوك شـيـئـاً واحـداً
هـو انـتـظـار الــمـوت
فـظـلـلـتِ جـسـداً
بــروحٍ تـنــتـفـض
تـدور في هـلام
تـتهـادى بـيـن وجـودٍ وعـدم
بـيـن كـيـنـونـةٍ
وصـيـرورة احـتـضـار
بـيـن رغـبـةٍ واسـتـلاب ذات
صـلـبـوكِ قـبـل الأوان
هـويتِ فـي مـنـتـصـف
الـجُــلـجُـلـة
رحـلـتِ بـانـعـتـاقٍ مـكـبـوت
لـم يُـشـتـهـى
ولـو لـمـحـكِ طـرْف
يـوحـنـا الـمـعـمـدان
لـبـاركَ صلـيـبـك
الـمُـنـتـاب بـالـنُـدب والـشـروخ
والـهـذيـان
جُــلـجُـلـتـك ، الـمـشـنـوقـة
بـيـن أنـيـاب ذكـورتـيـن
مـافـتـئـتـا تـنـهـشـان
ذاتـك
وتُـديـران الـرحى عـلـيـهـا
بـضـراوة
تـنـزعـان مـنـهـا الـضــبـاب
تُـبـخـّـران الـمـطـر
تـجـتـثّـان الـتـراب
تـكـسرانِ الـمـجـداف
وهـا أنـت فـي غــداةٍ وغـروب
تنــتـظـرين عـزرائـيـل والـتـابـوت
تُـعـديـن الـلـحـد بـدل الـقـهـوة
تـسـتـبــقـيـن الـتـرانـيـم
وتـلـمّعـيـن الأجـراس
ومـع ذلـك
تـنـبـت زهــور حـبـّك
حـتـى عـلى قـارعـة الــطـريـق
مـتـرعـةً بـنــورٍ
مـنـك وحـدك
أيـتـهـا الـقـديـسـةُ الـمـصـلـوبـة
فـي أوردةِ الـسـنـيـن
وقـبـل الأسـفـار والـتـدويـن
ثـلاثـةٌ وأربـعـون عـامـاً
عـاماً إثـر عـام
يُــدَق فـيـك
مـسـمـارٌ جـديـد
مـسـنـون الـرأس
وتـرفـعـيـن الإصـبـع الـشـاهـد
فـي كـل ّ طـرقـة!